الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
مما يحتج به على الشافعي ما أخرجه البخاري [في "باب من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت" ص 83 ومسلم في "باب صلاة الوسطى هي العصر" ص 227.]. ومسلم عن جابر بن عبد اللّه أن عمر جاء يوم الخندق بعد ما غربت، فجعل يَسُبُّ كفار قريش، فقال: يا رسول اللّه ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب، فقال النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "واللّه ما صليتها" فنزلنا مع النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بطحان، فتوضأ وتوضأنا، فصلى العصر بعد ما غربت، ثم صلى بعدها المغرب، انتهى. - حديث آخر أخرجه البخاري [في "باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة" ص 92، ومسلم في "باب كراهية الصلاة بحضرة الطعام" ص 208 - ج 1.]. ومسلم أيضًا عن أنس بن مالك أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: "إذا قدم العشاء فابدؤوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم"، انتهى. - حديث آخر أخرجه مسلم [في "باب أوقات الصلاة" ص 223 مع المغايرة في الألفاظ، ولفظ المخرج لفظ الترمذي: ص 22، إلا أن قوله: فصلى، زائد في الموضعين: في الفجر. والعشاء.] عن بريدة، قال: أتى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ رجلٌ فسأله عن مواقيت الصلاة، فقال: "أقم معنا، فأمر بلالًا، فأقام فصلى حين طلع الفجر، ثم أمره فأقام حين زالت الشمس فصلى الظهر، ثم أمره، فأقام فصلى العصر والشمس بيضاء مرتفعة، ثم أمره بالمغرب حين وقع حاجب الشمس، ثم أمره بالعشاء فأقام فصلى حين غاب الشفق، ثم أمره من الغد فنوَّر بالفجر، ثم أمره بالظهر وأنعم أن يبرد، ثم أمره بالعصر، فأقام والشمس آخر وقتها، ثم أمره، فأخر المغرب إلى قبيل أن يغيب الشفق، ثم أمره بالعشاء، فأقام حين ذهب ثلث الليل، ثم قال: أين السائل عن مواقيت الصلاة؟ قال الرجل: أنا، فقال: مواقيت الصلاة بين هذين"، انتهى. وقد تقدم في الحديث الثالث. - حديث آخر أخرجه مسلم أيضًا عن أبي موسى أن سائلًا أتى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فسأله عن مواقيت الصلاة فلم يرد عليه شيئًا، قال: فأمر بلالًا فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضًا، ثم أمره، فأقام بالظهر حين زالت الشمس، والقائل يقول: قد انتصف النهار، وهو كان أعلم منهم، ثم أمره، فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره، فأقام المغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره، فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف، والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت ثم أخر الظهر حتى كان قريبًا من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل، فقال: "الوقت بين هذين"، انتهى. - حديث آخر أخرجه مسلم أيضًا عن عبد اللّه بن عمرو أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: "وقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله، ما لم يحضر وقت العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة، فإنها تطلع بين قرني الشيطان"، انتهى. - حديث آخر أخرجه أحمد في "مسنده [ص 106 - ج 4.]" والطبراني في "معجمه" عن ابن أبي لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن يزيد أن عبد اللّه بن عوف حدثه أن أبا جمعة حبيب بن سباع حدثه أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عام الأحزاب صلى المغرب، فلما فرغ قال: هل علم أحد منكم أني صليت العصر؟ قالوا: لا يا رسول اللّه ما صليتها، فأمر المؤذن فأقام فصلى العصر، ثم أعاد المغرب، انتهى. وفيه ضعف ابن لهيعة بما انفرد به. الحديث الثامن: روي عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه قال: - الشفق الحمرة، قلت: رواه الدارقطني في "سننه [ص 100]" من حديث عتيق بن يعقوب حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "الشفق الحمرة"، انتهى. وذكره كذلك في "كتابه غرائب مالك" غير موصول الإسناد، فقال: قرأت في أصل أبي بكر أحمد بن عمرو بن جابر الرملي بخط يده ثنا علي بن عبد الصمد الطيالسي ثنا هارون بن سفيان المستملي حدثني عتيق به، وينظر السنن، وقال: حديث غريب، ورواته كلهم ثقات، انتهى. وأخرجه في "سننه [في "سنن الدارقطني" التي بأيدينا حديث أبي هريرة موقوفًا في: ص 100، وأما حديث ابن عمر فهو الذي عزاه إلى "كتاب غرائب مالك" أي مرفوعًا، ووصل إسناده.]" موقوفًا على ابن عمر. وعلى أبي هريرة، وقال البيهقي في "المعرفة": روي هذا الحديث عن عمر. وعلي. وابن عباس. وعبادة بن الصامت. وشداد بن أوس. وأبي هريرة، ولا يصح [قال الخطابي في "معالم السنن" ص 125 - ج 1 ما نصه: لم يختلفوا في أن أول وقت العشاء غيبوبة الشفق إلا أنهم اختلفوا في الشفق ما هو؟ فقالت طائفة: هو الحمرة، روي ذلك عن ابن عمر. وابن عباس. وهو قول مكحول. وطاوس، وبه قال مالك. وسفيان الثوري. وأبي يوسف. ومحمد. والشافعي. وأحمد. وإسحاق. وروي عن أبي هريرة أنه قال: الشفق البياض، وعن عمر بن عبد العزيز مثله، واليه ذهب أبو حنيفة، وهو قول الأوزاعي، وقد حكي عن الفراء أنه قال: الشفق الحمرة، وأخبرني أبو عمر عن أبي العباس أحمد بن يحيى، قال: الشفق البياض، وأنشد لأبي النجم: حتى إذا الليل جلاه المجتلي * بين سماطي شفق مهوّل يريد الصبح، وقال بعضهم: الشفق اسم للحمرة. والبياض معًا، إلا أنه يطلق على أحمر ليس بقان، وأبيض ليس بناصع، وإنما يعلم المراد منه بالأدلة لا بنفس اللفظ، كالقرء الذي يقع اسمه على الطهر، والحيض معًا، وكسائر نظائره من الأسماء المشتركة، اهـ. قلت: ذكر الهيثمي في "الزوائد" ص 304 - ج 1 حديث جابر رضي اللّه عنه في "المواقيت" بطوله، وفيه "ثم أذن للعشاء حتى ذهب بياض النهار، وهو الشفق" قال الهيثمي: رواه الطبراني في "الأوسط" وإسناده حسن، اهـ. قلت: هو الشفق، إن كان قول جابر فهو موافق لمن قال: الشفق الأبيض، واللّه أعلم، وفي "مسند أحمد" ص 213 - ج 2 عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "وقت صلاة المغرب ما لم يسقط نور الشفق".] عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فيه شيء، انتهى. وقال الشيخ تقي الدين في "الإمام": وروى الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي أخبرنا زاهد بن طاهر [وفي نسخة "زاهر بن ظاهر".] عن أبي بكر البيهقي أنبأنا عبد اللّه الحافظ أنبأنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنبانا عبد العزيز بن محمد ثنا علي بن عبد الصمد الطيالسي ثنا هارون بن سفيان المستملي حدثني عتيق بن يعقوب بن صديق به سندًا ومتنًا. قال البيهقي [ص 273]: الصحيح موقوف، قال الحافظ أبو القاسم: رواه موقوفًا على ابن عمر عبيد اللّه بن عمر بن حفص العمري. وعبد اللّه بن نافع مولى ابن عمر جميعًا عن نافع عن ابن عمر، قال: ورواه أبو القاسم أيضًا من حديث علي بن جندل ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ثنا أبو حذافة ثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: "الشفق الحمرة" قال أبو القاسم: تفرد به علي بن جندل الوراق عن المحاملي عن أبي حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي، وقد رواه عتيق بن يعقوب عن مالك، وكلاهما غريب، وحديث عتيق أمثل إسنادًا، انتهى كلامه. قوله في الكتاب: وما رواه موقوف على ابن عمر، ذكره مالك في "الموطأ"، انتهى. والذي وجدته في "موطأ مالك" من رواية يحيى بن يحيى، قال مالك: الشفق هو الحمرة التي تكون في المغرب، فإذا ذهبت الحمرة فقد وجبت صلاة العصر، وخرجت من وقت المغرب، انتهى. ولم أجد فيه غير ذلك لا مرفوعًا ولا موقوفًا، وينظر من غير رواية يحيى. - الحديث التاسع: روي عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه قال: - "آخر وقت المغرب إذا اسود الأفق"، قلت: غريب، وروى أبو داود في "سننه [في "باب المواقيت" ص 62، والدارقطني: ص 93]" من حديث بشير بن أبي مسعود عن أبي مسعود الأنصاري أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: "نزل جبرئيل فأخبرني بوقت الصلاة، فصليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، "، يحسب بأصابعه خمس صلوات، قال: فرأيت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يصلي الظهر حين تزول الشمس، وربما أخرها حين يشتد الحرّ، ورأيته يصلي العصر والشمس مرتفعة بيضاء قبل أن تدخلها الصفرة، فينصرف الرجل من الصلاة، فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس، ويصلي المغرب حين يسقط الشمس، ويصلي العشاء حين يسود الأفق، وربما أخرها حتى يجتمع الناس، وصلى الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات لم يعد إلى أن يسفر، انتهى. ورواه ابن حبان في "صحيحه"، وسيأتي في حديث الإسفار، وصدر الحديث في "الصحيحين" إلى قوله: يحسب بأصابعه خمس صلوات، وكذلك النسائي. وابن ماجه. وَوهَم شيخنا علاء الدين في عزوه الحديث بتمامه لأبي داود. والنسائي مقلدًا لغيره في ذلك، والنسائي لم يخرج منه إلا صدره، كما بيناه. - الحديث العاشر: عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه قال: - "وآخر وقت العشاء حين يطلع الفجر"، قلت: غريب أيضًا، وتكلم الطحاوي في "شرح الآثار [في "المواقيت" ص 93]": ههنا كلامًا حسنًا، ملخصه أنه قال: يظهر من مجموع الأحاديث أن آخر وقت العشاء حين يطلع الفجر، وذلك أن ابن عباس. وأبا موسى. والخضرمي رووا أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أخرها حتى ثلث الليل، وروى أبو هريرة. وأنس أنه أخرها حتى انتصف الليل، وروى ابن عمر أنه أخرها حتى ذهب ثلث الليل، وروت عائشة أنه أعتم بها حتى ذهب عامة الليل، وكل هذه الروايات في "الصحيح"، قال: فثبت بهذا أن الليل كله وقت لها، ولكنه على أوقات ثلاثة، فأما من حين يدخل وقتها إلى أن يمضي ثلث الليل، فأفضل وقت صليت فيه، وأما بعد ذلك إلى أن يتم نصف الليل، ففي الفضل دون ذلك، وأما بعد نصف الليل فدونه، ثم ساق بسنده عن نافع بن جبير، قال: كتب عمر إلى أبي موسى: وصلّ العشاء أيُّ الليل شئت، ولا تغفلها، ولمسلم في قصة التعريس [قطعة من حديث طويل أخرجه مسلم في "الصلاة - باب قضاء الفائتة" ص 239] عن أبي قتادة أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال: "ليس في النوم تفريط، إنما التفريط أن يؤخر صلاة حتى يدخل وقت الأخرى"، فدل على بقاء الأولى إلى أن يدخل وقت الأخرى، وهو طلوع الفجر الثاني، انتهى. - الحديث الحادي عشر: قال النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في الوتر: - "فصلوها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر"، قلت: رواه أبو داود [في "باب استحباب الوتر" ص 208، والترمذي في "فضل الوتر" ص 60، وابن ماجه في "باب ما جاء في الوتر، ص 83] والترمذي. وابن ماجه من حديث خارجة بن حذافة، قال: خرج علينا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال: "إن اللّه أمركم بصلاة هي لكم خير من حمر النعم، وهي الوتر، فجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر"، انتهى. وسيأتي في "الوتر" إن شاء اللّه تعالى. قال النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر"، قلت: روي من حديث رافع بن خديج، ومن حديث بلال، ومن حديث أنس، ومن حديث قتادة بن النعمان، ومن حديث ابن مسعود، ومن حديث أبي هريرة، ومن حديث حواء الأنصارية [ومن حديث رجال من الأنصار عند الطحاوي: ص 106، والنسائي: ص 94.]. - أما حديث رافع بن خديج، فرواه أصحاب السنن الأربعة [أبو داود في "المواقيت - في باب وقت الصبح" ص 67، والترمذي في "باب ما جاء في الإسفار بالفجر" ص 22، والنسائي: ص 94، وابن ماجه في "باب وقت الفجر" ص 49، والطحاوي: ص 105. ] من حديث عاصم بن عمر عن محمود ابن لبيد عن رافع بن خديج، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر"، انتهى. "الترمذي" عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر، "والباقون" عن محمد بن عجلان عن عاصم، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، ولفظ أبي داود فيه: أصبحوا بالفجر، قال ابن القطان في "كتابه": طريقه طريق صحيح، وعاصم بن عمر وثقه النسائي. وابن معين. وأبو زرعة. وغيرهم، ولا أعرف أحدًا ضعفه، ولا ذكره في جملة الضعفاء، انتهى. ورواه ابن حبان في "صحيحه" في النوع الخامس والأربعين، من القسم الأول، وفي لفظ له: أسفروا بصلاة الصبح، فإنه أعظم للأجر، وفي لفظ له: فكلما أصبحتم بالصبح فإنه أعظم لأجوركم، وفي لفظ للطبراني: وكلما أسفرتم بالفجر فإنه أعظم للأجر، وقال الترمذي بعد قوله: هذا حديث حسن صحيح، قال الشافعي. وأحمد. وإسحاق: "معنى الإسفار" أن يصح الفجر، فلا يشك فيه، ولم يروا أن معنى الإسفار تأخير الصلاة، انتهى. وأما حديث محمود بن لبييد، فرواه أحمد في "مسنده" حدثنا إسحاق بن عيسى ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن محمود بن لبيد عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بنحوه، لم يذكر فيه رافع بن خديج، ومحمود بن لبيد صحابي مشهور [اختلف في رؤيته النبي صلى اللّه عليه وسلم وصحبته.] فيحتمل أنه سمعه من رافع أوّلًا فرواه عنه، ثم سمعه من النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فرواه عنه، إلا أن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فيه ضعف، وأما حديث بلال، فرواه البزار في "مسنده [والطحاوي: ص 106 عن علي بن معبد ثنا شبابة بإسناد البراء، وقال في "الزوائد" ص 315: رواه البزار. والطبراني في "الكبير" وفيه أيوب بن سيّار، وهو ضعيف، اهـ.]" حدثنا محمد بن عبد الرحيم ثنا شبابة بن سوار ثنا أيوب بن سيار [كذا في "الطحاوي".] عن ابن المنكدر عن جابر عن أبي بكر عن بلال عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بنحوه، قال البزار: وأيوب بن سيّار ليس بالقوي، وفيه ضعف، انتهى. قال في "الإمام": وأيوب بن سيّار، قال البخاري فيه: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن عدي: الضعف على حديثه بيِّن إلا أن أحاديثه ليست بمنكرة جدًا، وأما حديث أنس، فرواه البزار أيضًا حدثنا محمد بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي ثنا خالد بن مخلد ثنا يزيد بن عبد الملك [يزيد بن عبد الملك النوفلي ضعفه أحمد. والبخاري. والنسائي. وابن عدي، ووثقه ابن معين في رواية، وضعفه في أخرى كما في "الزوائد" ص 315.] عن زيد بن أسلم عن أنس بن مالك مرفوعًا نحوه، ولفطه: أسفروا بصلاة الفجر فإنه أعظم للأجر، قال البزار: وقد اختلف فيه على زيد بن أسلم، فرواه شعبة عن أبي داود الجزري عن زيد بن أسلم عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج، ورواه هشام بن سعد عن زيد بن مسلم عن ابن نجاد عن جدته حواء، ولا نعلم رواه عن هشام إلا إسحاق بن إبراهيم الحنيني، ولم يتابع عليه، انتهى. وقال الدارقطني في "علله": اختلف عن زيد بن أسلم فيه بسندين: أحدهما: عن حواء الأنصارية، والآخر: عن أنس، وأما حديث حواء، فرواه إسحاق الحنيني عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن ابن بجيد الأنصاري عن جدته حواء - وكانت من المبايعات - ووهم فيه، وأما حديث أنس، فرواه يزيد بن عبد الملك النوفلي عن زيد بن أسلم عن أنس، ووهم فيه أيضًا، والصحيح عن زيد بن أسلم عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج، انتهى كلامه. وهذا الذي أشار إليه رواه الطحاوي من جهة آدم بن أبي إياس عن شعبة عن أبي داود الجزري عن زيد بن أسلم عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج مرفوعًا، نوِّروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر، انتهى. - وأما حديث قتادة بن النعمان، فرواه الطبراني في "معجمه". والبزار في "مسنده" من حديث فليح بن سليمان ثنا عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان عن أبيه عن جده مرفوعًا نحوه، قال البزار[قال الهيثمي في "الزوائد" ص 315: رواه البزار، ورجاله ثقات]: ولا نعلم أحدًا تابع فليح بن سليمان على روايته، وإنما يرويه محمد بن إسحاق. ومحمد بن عجلان عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج، وهو الصواب، انتهى. - وأما حديث ابن مسعود، فرواه الطبراني في "معجمه" حدثنا أحمد بن أبي يحيى الحضرمي ثنا أحمد بن سهل بن عبد الرحمن الواسطي ثنا المعلى بن عبد الرحمن [المعلى بن عبد الرحمن، قال الدارقطني: كذاب، وضعفه الناس "زوائد".] ثنا سفيان الثوري. وشعبة عن زبيدة عن مرة عن عبد اللّه بن مسعود مرفوعًا نحوه. - وأما حديث أبي هريرة [أقول في "الزوائد" ص 315: عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا تزال أمتي على الفطرة ما أسفروا بصلاة الفجر" رواه البزار. والطبراني في "الكبير"، وفيه حفص بن سليمان ضعفه ابن معين. والبخاري. وأبو حاتم. وابن حبان، وقال ابن خراش: كان يضع الحديث، ووثقه أحمد في روايته وضعفه في أخرى، اهـ.]، فرواه ابن حبان في "كتاب الضعفاء" من حديث سعيد بن أوس أبي زيد الأنصاري عن ابن عون عن ابن سيرين. عن أبي هريرة، مرفوعًا نحوه، وأعله بسعيد، وقال: لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به من الأخبار، ولا الاعتبار إلا بما وافق الثقات في الآثار، وليس هذا من حديث ابن عون. ولا ابن سيرين، ولا أبي هريرة، وإنما هو من حديث رافع بن خديج فقط، وهذا بما لا يسأله أنه مقلوب أو معمول، انتهى. - وأما حديث حواء، فرواه الطبراني في "معجمه" حدثنا أحمد بن محمد الجمحي ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنيني ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن ابن بجيد الحارثي عن جدته حواء الأنصارية" - وكانت من المبايعات - قالت: سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول: "أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر"، انتهى. قال في "الإمام": وإسحاق الحنيني "بضم الحاء، بعدها نون، ثم ياء آخر الحروف، ثم نون" قال البخاري: في حديثه نظر، وذكر له ابن عدي أحاديث، ثم قال: وهو مع ضعفه يكتب حديثه، انتهى. قال الشيخ: وابن بجيد هو عبد الرحمن بن بجيد "بضم الباء الموحدة، وفتح الجيم بعدها آخر الحروف ساكنة" ابن قيظى "بفتح القاف، بعدها ياء ساكنة بعدها ظاء معجمة" الحارثي المدني، ذكره ابن أبي حاتم من غير تعريف بحاله، وذكره ابن حبان في "كتاب الثقات" وجَدَّته حواء بنت زيد بن السكن أخت أسماء بنت زيد بن السكن. - الآثار في ذلك، أخرج الطحاوي [ص 106] عن داود بن يزيد الأودي عن أبيه قال: كان علي بن أبي طالب يصلي بنا الفجر ونحن نتراءى الشمس مخافة أن تكون قد طلعت، انتهى. وعن أبي إسحاق [وإسناده صحيح "دراية" ص 54] عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: كنا نصلي مع ابن مسعود، فكان يسفر بصلاة الصبح، انتهى. وعن أبي الزاهرية [ص 108] عن جبير بن نفير، قال: قال أبو الدرداء: أسفروا بهذه الصلاة، انتهى. وعن القعنبي [ص 109] عن عيسى بن يونس عن الأعمش عن إبراهيم، قال: ما اجتمع أصحاب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ على شيء ما اجتمعوا على التنوير، انتهى. وتأوَّل الخصوم الإسفار في هذه الأحاديث بظهور الفجر، وهذ باطل، فإن الغلس الذي يقولون به، هو اختلاط ظلام الليل بنور النهار، كما ذكره أهل اللغة، وقبل ظهور الفجر لا يصح صلاة الفجر، فثبت أن المراد بالإسفار إنما هو التنوير، وهو التأخير عن الغلس، وزوال الظلمة، وأيضًا فقوله: أعظم للأجر، يقتضي حصول الأجر في الصلاة بالغلس، فلو كان الإسفار هو وضوح الفجر وظهوره لم يكن في وقت الغلس أجر لخروجه عن الوقت، قال في "الإمام": وفسر الإمام أحمد الإسفار في الحديث ببيان الفجر وطلوعه، أي لا تصلوا إلا على تبين من طلوعه، قال: وهذا يرده بعض ألفاظ الحديث أو يبعده، انتهى. وروى النسائي في "سننه [النسائي في "باب أول وقت الصبح" ص 94]" أخبرنا علي بن حجر ثنا إسماعيل ثنا حميد عن أنس أن رجلًا أتى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فسأله عن وقت الغداة فلما أصبح أمر حين انشق الفجر أن تقام الصلاة فصلى، فلما كان من الغد أسفر، فأمر، فأقيمت الصلاة، فصلى، ثم قال: "أين السائل؟ ما بين هذين وقت"، انتهى. فعلم بهذا أن المراد بالإسفار التنوير، وقد ورد في بعض ألفاظ هذا الحديث ما يدفع تأويلهم: منها - عند ابن حبان - في "صحيحه" فكلما أصبحتم بالصبح فهو أعظم للأجر، وعند النسائي بسند صحيح، قال: ما أسفرتم بالفجر فإنه أعظم للأجر، وعند الطبراني: فكلما أسفرتم بالفجر. - حديث آخر يبطل تأويلهم، روى ابن أبي شيبة. وإسحاق بن راهويه. وأبو داود الطيالسي [ص 129.] في ""مسانيدهم" والطبراني في "معجمه"، قال الطيالسي: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم المدني، وقال الباقون: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا إسماعيل بن إبراهيم المدني ثنا هرير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج سمعت جدي رافع بن خديج يقول: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لبلال: "يا بلال نوَّر بصلاة الصبح حتى يبصر القوم مواقع نبلهم من الإسفار"، انتهى. ورواه ابن أبي حاتم في "علله [ص 143]" فقال: حدثنا أبي ثنا هارون بن معروف. وغيره عن أبي إسماعيل المؤدب إبراهيم بن سليمان عن هرير به، قال: ورواه أبو نعيم عن إسماعيل بن إبراهيم بن مجمع عن هرير به، هكذا رواه ابن أبي شيبة عن أبي نعيم، قال أبي: وقد سمعنا من أبي نعيم كتاب إسماعيل بن إبراهيم كله، فلم يكن لهذا الحديث فيه ذكر، وقد حدثناه غير واحد عن أبي إسماعيل المؤدب، لكني رأيت لابن أبي شيبة متابعًا آخر، إما محمد بن يحيى. أو غيره، فلعل الخطأ من أبي نعيم، وكأنه أراد أبا إسماعيل المؤدب، فغلط في نسبته، انتهى كلامه. قلت: قد رواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" وكذلك إسحاق بن راهويه. والطبراني في "معجمه" عن إسماعيل بن إبراهيم، كما رواه أبو نعيم، وقد قدمناه، واللّه أعلم، وأخرجه ابن عدي في "الكامل" عن أبي إسماعيل المؤدب، وأسند عن ابن معين أنه قال: أبو إسماعيل المؤدب ضعيف، قال ابن عدي: ولم أجد في تضعيفه غير هذا، وله أحاديث غرائب حسان تدل على أنه من أهل الصدق، وهو ممن يكتب حديثه، أخرجه عن أبي اسماعيل المؤدب عن هرير. - حديث آخر يبطل تأويلهم، رواه الإمام أبو محمد القاسم بن ثابت، السرقسطي [هو ابن حزم، و"سرقسطة" بلدة بالأندلس "قابوس".] في "كتاب غريب الحديث" حدثنا موسى بن هارون ثنا محمد بن عبد الأعلى ثنا المعتمر سمعت بيانًا أبا سعيد قال: سمعت أنسًا يقول: كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يصلي الصبح حين يفسح البصر، انتهى. قال: فقال: فسح البصر. وانفسح: إذا رأى الشيء عن بعد "يعني به إسفار الصبح" انتهى. - حديث آخر يؤيد مذهبنا، أخرجه البخاري [في "الحج - في باب من يصلي الفجر بجمع" ص 228، ومسلم في "الحج - في استحباب زيادة التغليس بصلاة الصبح يوم النحر" ص 417.] ومسلم عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود، قال: ما رأيت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ صلى صلاة لغير وقتها إلا بجَمْع، فإنه جمع بين المغرب والعشاء بجَمْع، ويصلي صلاة الصبح من الغد قبل وقتها، انتهى. قال العلماء: "يعني وقتها المعتاد في كل يوم" لا أنه صلاها قبل الفجر، وإنما غلس بها جدًا، ويوضحه رواية في "البخاري [في "باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما" ص 227 - ج 1]" والفجر حين بزغ، وهذا دليل على أنه عليه السلام كان يسفر بالفجر دائمًا، وقلما صلاها بغلس، واللّه أعلم، وبه استدل الشيخ في "الإمام" لأصحابنا، وأخرج الطحاوي في "شرح الآثار [ص 109]" بسند صحيح عن إبراهيم النخعي، قال: ما اجتمع أصحاب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ على شيء ما اجتمعوا على التنوير، انتهى. قال الطحاوي: ولا يصح أن يجتمعوا على خلاف ما كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، انتهى. وقال الحازمي في "كتابه الناسخ والمنسوخ [في "باب الإسفار في صلاة الفجر" ص 75.]": اختلف أهل العلم في الإسفار والتغليس، فرأى بعضهم أن الإسفار أفضل، وبه قال أبو حنيفة. وأصحابه. وسفيان الثوري. وأهل الكوفة أخذًا بحديث رافع بن خديج "أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر"، ورأى بعضهم أن التغليس أفضل وبه أخذ الشافعي، ومالك. وأحمد أخذًا بحديث عائشة: كنّ نساء المؤمنين يصلين مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ الصبح، ثم ينصرفن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس، رواه البخاري [في "المواقيت - في باب وقت الفجر" ص 82، ومسلم في "باب استحباب التبكير بالصبح" ص 230.]. ومسلم، قال: وزعم الطحاوي أن حديث الإسفار ناسخ لحديث التغليس، وأن حديث التغليس ليس فيه دليل على الأفضل بخلاف حديث رافع، أو أنهم كانوا يدخلون مغلسين، ويخرجون مسفرين، قال: والأمر على خلاف ما قال الطحاوي، لأن حديث التغليس ثابت، وأنه عليه السلام داوم عليه إلى أن فارق الدنيا، ولم يكن عليه السلام يداوم إلا على ما هو الأفضل، ثم روى حديث أبي مسعود أنه عليه السلام صلى الصبح بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك بالغلس، حتى مات ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لم يعد إلى أن يسفر، رواه أبو داود [في "المواقيت" ص 62 ص 62، والدارقطني: ص 93.]. وابن حبان في "صحيحه" في النوع الخامس والأربعين، من القسم الأول، كلاهما من حديث أسامة بن زيد الليثي أن ابن شهاب أخبره عن عروة بن الزبير سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبا مسعود، فذكره، وهو مختصر من حديث المواقيت، وحديث المواقيت مخرج في "الصحيحين" ليس فيه هذا، قال أبو داود: رواه عن الزهري: مالك. ومعمر. وابن عيينة. والليث بن سعد. وغيرهم لم يذكروا فيه هذا، انتهى. قال الشيخ في "الإمام" وقد استدل بهذا على نسخ أفضلية الإسفار، وليس فيه: من مس، إلا أسامة، فقال أحمد: ليس بشيء، وعن يحيى بن سعيد أنه تركه بآخره، انتهى. وفي "التنقيح" واختلف الرواية فيه عن ابن معين، وقال: أبو حاتم يكتب حديثه، ولا يحتج به، وقال النسائي. والدارقطني: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: ليس به بأس، وروى له مسلم في "صحيحه"، انتهى. -
|